Pages

About Me

My photo
في الغالب أنا عيل

Tuesday, November 20, 2007

الإبحار في الذاكرة..... الديوان الأخير لصلاح عبد الصبور

أشتف حضوركِ في صحراء الوقت
أستشعر وقعكِ في صخر الصمت
تعروني البهجة
ثم يفاجئني كالمطر المتقطع
حس الخوف من الموت
......
وحيدا حزينا أواجه عينيكِ إذ تسألان الفرح
وإذ ترفعان إلى مقلتيّ حباب الشجى
واخضرار القدح
وحيدا حزينا أواجه كفكِ
حين تُمَدّ إلي
لترفعني من رماد الرماد
إلى حمرة الشفق الشاعريّ
وحيدا حزينا أواجه فرحة حبك
......
وكنت أخوض صحارى سنيني
وحيد الخطى مكفهر الجبين
وتأتينني بغتة كالجنون
فلا أنت موصوفة في كتاب انتظاري
ولا أنت واردة في مجازات حلمي
في غفوتي أو نهاري
ولم تتنبأ لي الطير باسمك
رغم استماعي إليها طويلا
ولا كشفت لي السحائب رسمك
رغم تمليّ منها طويلا
تظل الطوالع خرساء حتى يفاجئك الوجد
وحدك حين تؤوب إلى ملل الليل مستوحشا أو عليلا
فلا أنت أعددت مائدة السكر
لا أنت أرسلت في طلب الندماء
......
أنتسب إلى جسمي
أنتسب إلى شهوة أطرافي أن تلمس أعراق الأشياء
شهوة شفتي أن تندى، وتندى
أن تسقي، وتسقي
حتى تقنص روح الجلد الحمراء
.....
أبغي أن تعرف نفسي
كيف تصير الرغبة لحظة صحو
وكمال الرغبة لحظة محو
أبغي أن أعرف كيف افاضت نفسي من حال في حال
ورمتني مسلوبا في الحالين
......
لا تذكارات معي.. لا.. بل أعطتني مانيلا
شيئا من حكمة مانيلا
أعطتني أن الفم لم يخلق إلا للضحك الصافي الجذلان
أعطتني أن العينين
مرآتان يرى في عمقهما العشاق ملامحهم
حين يميل الوجه الهيمان على الوجه الهيمان
أعطتني أن الجسم البشري
لم يخلق إلا كي يعلن معجزته
في إيقاع الرقض الفرحان
درس عرفته روحي بعد فوات الأزمان
بعد أن انعقد الفم بضلالات الحكمة والحزن
......
كانت تدعوني بالرجل الرمليّ
واناديها بالسيدة الخضراء
وتلاقينا في زمني الشفقيّ
وتنادينا في مرح طفلي
وتعارفنا في استحياء
وتحسس كل منا مبهورا ألوان الآخر
وتقاسمنا الاماء
وتفرقنا
لا تسألني: ماذا يحدث للأشياء
إذ تتصدع؟
أو للأصداء
إذ تهوي في الصمت المفرغ؟
......
يا رب! يا رب!
أسقيتني حتى إذا ما مشت
كأسك في موطن أسراري
ألزمتني الصمت, وهذا أنا
أعض مخنوقا بأسراري
......................
مختارات متفرقة من قصائد متفرقة من ديوان: الإبحار في الذاكرة للأستاذ صلاح عبد الصبور

Wednesday, November 14, 2007

كلاكيت تاني مرة

الحسناء
..........................
بعد انقضاء ساعتي الزيارة
أهلها مشوا
ولقد مشت معهم
وحينما انتهت مراسم التوديع
وعدنا للداخل
حيثما كانوا
خطر لي
أن أجلس على مكانها
من الكنبة الرئيسية في صالوننا الكئيب
لأرى كيف كانت إطلالتها علينا
موقع انطلاق بصرها
ومن ثم استشعارها
(هل كنت أحسب واهما أنني سأرى من خلال عينيها؟)
لأحس كيف هو الجلوس على منطقة ما
لامست ردفيها الرقيقين
بل انطبقت معهما وتدفأت
لو تنطق الكنبة، هل ستخبرني كيف تشعر؟)
(ولكن كيف سيحسها هذا الجماد؟
حين جلست على موضعها تماما
لم أسترح تماما
تعجبت
كيف هي كانت تجلس هنا
بينما تحتها فوطة منبعجة
وعلى مسند الكنبة الذي كانت عليه ذراعها
سجادة صلاة منبعجة؟
وكيف لم يؤرق
جلوسَها المستقر بهدوئه المشعشع
هذا الاعوجاجُ المستفز؟
هذا الأرقُ الصغيرُ المزعجُ
لم يجعل صخب ضحكاتها المجلجلة يخفت في أي مرة
هذه الضحكات التي تعربد في الماء الراكد داخلي بلا رحمة)
(وتفتت رضاي الهش كقطعة وحل جفت
هذا الأرقُ الصغيرُ المزعجُ
لم يستطع أن يجعل صفاءها يخبو للحظة طوال الساعتين
هذا الصفاء الذي يتبدى كبحيرة لها زرقة مخضرة)
(حولها نخلات كثيرات، سامقات كلهن كآلهة
أسأل حيرتي الشاردة مع بقاياها الطيفية الوهاجة
عن سر استقرارها المثير
فأقول لنفسي لحظتها
ألم تدرك بعد يا أخي
أنها شفيفة لا تفرق هذه الأشياء معها؟
أنها حلم يقظة أسطوري
دام ساعتين وانقضى
كما هي الأفلام الجميلة إذ تنقضي فجأة
تنقطع الصورة وتصمت أصوات الموسيقى
وينقض النور على قاعة العرض
فتخرج من انصهارك المحموم معها
وتبدأ في تلمس الهواء حولك لتعود له
في استكشاف المكان لتتبين طريقك للخروج
ملوما محسورا
ألم تدرك بعد أيها الفاني أنها في أصلها
هذه الحسناء البهيجة البسمة
المستديرة الوجه
خاطر أبدي سيار
حر الحركة
يرتدي ملابسَ بنيةً
مقلمة بأزرقٍ رقيق
ويلف حول راسه طرحةً نيليةَ اللون
بإحكامٍ مرهف؟
أنها
خاطرٌ نقيُ الماء يدهش جفاف ترابك؟