أشتف حضوركِ في صحراء الوقت
أستشعر وقعكِ في صخر الصمت
تعروني البهجة
ثم يفاجئني كالمطر المتقطع
حس الخوف من الموت
......
وحيدا حزينا أواجه عينيكِ إذ تسألان الفرح
وإذ ترفعان إلى مقلتيّ حباب الشجى
واخضرار القدح
وحيدا حزينا أواجه كفكِ
حين تُمَدّ إلي
لترفعني من رماد الرماد
إلى حمرة الشفق الشاعريّ
وحيدا حزينا أواجه فرحة حبك
......
وكنت أخوض صحارى سنيني
وحيد الخطى مكفهر الجبين
وتأتينني بغتة كالجنون
فلا أنت موصوفة في كتاب انتظاري
ولا أنت واردة في مجازات حلمي
في غفوتي أو نهاري
ولم تتنبأ لي الطير باسمك
رغم استماعي إليها طويلا
ولا كشفت لي السحائب رسمك
رغم تمليّ منها طويلا
تظل الطوالع خرساء حتى يفاجئك الوجد
وحدك حين تؤوب إلى ملل الليل مستوحشا أو عليلا
فلا أنت أعددت مائدة السكر
لا أنت أرسلت في طلب الندماء
......
أنتسب إلى جسمي
أنتسب إلى شهوة أطرافي أن تلمس أعراق الأشياء
شهوة شفتي أن تندى، وتندى
أن تسقي، وتسقي
حتى تقنص روح الجلد الحمراء
.....
أبغي أن تعرف نفسي
كيف تصير الرغبة لحظة صحو
وكمال الرغبة لحظة محو
أبغي أن أعرف كيف افاضت نفسي من حال في حال
ورمتني مسلوبا في الحالين
......
لا تذكارات معي.. لا.. بل أعطتني مانيلا
شيئا من حكمة مانيلا
أعطتني أن الفم لم يخلق إلا للضحك الصافي الجذلان
أعطتني أن العينين
مرآتان يرى في عمقهما العشاق ملامحهم
حين يميل الوجه الهيمان على الوجه الهيمان
أعطتني أن الجسم البشري
لم يخلق إلا كي يعلن معجزته
في إيقاع الرقض الفرحان
درس عرفته روحي بعد فوات الأزمان
بعد أن انعقد الفم بضلالات الحكمة والحزن
......
كانت تدعوني بالرجل الرمليّ
واناديها بالسيدة الخضراء
وتلاقينا في زمني الشفقيّ
وتنادينا في مرح طفلي
وتعارفنا في استحياء
وتحسس كل منا مبهورا ألوان الآخر
وتقاسمنا الاماء
وتفرقنا
لا تسألني: ماذا يحدث للأشياء
إذ تتصدع؟
أو للأصداء
إذ تهوي في الصمت المفرغ؟
......
يا رب! يا رب!
أسقيتني حتى إذا ما مشت
كأسك في موطن أسراري
ألزمتني الصمت, وهذا أنا
أعض مخنوقا بأسراري
......................
مختارات متفرقة من قصائد متفرقة من ديوان: الإبحار في الذاكرة للأستاذ صلاح عبد الصبور